للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك مما كُلِّفْنا عِلْمَه، وإنما أُمِرنا بالعملِ بما علِمنا

وأما الذي رُوِى عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، فقولٌ لما عليه الأُمَّةُ مخالفٌ، وذلك أنه لا خلافَ بين الجميعِ ألا ميراثَ لأخِي ميتٍ مع والدِه، فكَفى إجماعُهم على خلافِه شاهدًا على فسادِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.

يعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. أن الذي قسَم اللَّهُ لولدِ الميتِ الذكورِ منهم والإناثِ ولأبويه مِن تَرِكتِه مِن بعدِ وفاتِه، إنما يَقْسِمُه لهم على ما قسَمه لهم في هذه الآيةِ، مِن بعدِ قضاءِ دَينِ الميتِ الذي مات وهو عليه مِن تركتِه، ومِن بعدِ تنفيذِ وصيتِه في بابِها، بعدَ قضاءِ دَينِه كلِّه، فلم يَجْعَل تعالى ذكره لأحدٍ مِن ورثةِ الميتِ، ولا لأحدٍ ممن أوصَى له بشيءٍ، إلا مِن بعدِ قضاءِ دَينِه مِن جميعِ تركتِه، وإن أحاط بجميعِ ذلك، ثم جعَل أهلَ الوصايا بعدَ قضاءِ دَينِه شركاءَ ورثتِه فيما بقِى لِما أوصَى لهم به، ما لم يُجَاوِزُ ذلك ثلثَه، فإن جاوَز ذلك ثلثَه جُعِل الخيارُ في إجازةِ ما زاد على الثلثِ مِن ذلك أو ردِّه إلى ورثتِه، إِن أَحَبُّوا أجازوا الزيادةَ على ثلثِ ذلك، وإن شاءوا رَدُّوه، فأمَّا ما كان مِن ذلك إلى الثلثِ، فهو ماضٍ عليهم. وعلى كلِّ ما قلْنا من ذلك الأُمَّة مجمعةٌ.

وقد رُوِى عن رسولِ اللَّهِ بذلك خبرٌ، وهو ما حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: أخبرَنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارثِ الأعورِ، عن عليٍّ ، قال: إنكم تقرَءون هذه الآيةَ: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. وإن رسولَ اللَّهِ قضَى بالدَّيْنِ قبلَ الوصيةِ (١).


(١) أخرجه الترمذى (٢٠٩٤) عن محمد بن بشار به، وأخرجه عبد الرزاق (١٩٠٠٣)، وابن أبي شيبة ١٠/ ١٦٠، ١١/ ٤٠٢، ٤٠٣، وأحمد ٢/ ٣٣١ (١٠٩١)، وابن ماجه (٢٧١٥)، وأبو يعلى (٦٢٥)، =