للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتَّبعوك، دونَ الذين كذّبوك منهم وأبَوْا قبولَ ما جئتهم به من النصيحةِ منك، وكان الذين كانوا بهذه الصفةِ يومَئذٍ بني إسرائيلَ، وقال: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا﴾؛ لأن معني ذلك: سِرْ بهم بليلٍ قبلَ الصباحِ.

وقولُه: ﴿إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾. يقولُ: إن فرعون وقومه من القِبْطِ مُتَّبِعوكم إذا شَخَصْتم (١) عن بلدِهم وأرضِهم، في آثارِكم.

وقولُه: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا﴾. يقولُ: وإذا قطعتَ البحرَ أنت وأصحابُك، فاترُكْه ساكنًا على حالِه التي كان عليها حينَ دخلْتَه. وقيل: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه قال لموسى هذا القولَ بعدَ ما قطَع البحرَ ببني (٢) إسرائيلَ، فإذ كان ذلك كذلك ففى الكلامِ محذوفٌ، وهو: فسَرَى موسى بعبادى ليلًا، وقطَع بهم البحرَ، فقلنا له بعدَ ما قطَعه وأراد ردَّ البحر إلى هيئتِه التي كان عليها قبلَ انفلاقه: اتركْه رهْوًا.

ذكرُ مَن قال ما ذكَرْنا، مِن أَنَّ اللَّهَ ﷿ قال لموسى هذا القولُ، بعد ما قطَع البحرَ بقومه (٣).

حدَّثنا بشرٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُون﴾ حتى بلَغ: ﴿إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾. قال: لما خرَج آخرُ بنى إسرائيلَ أراد نبيُّ اللَّهِ موسى أن يضربَ البحر بعصاه حتى يعودَ كما كان؛ مخافةَ آلِ فرعونَ أن يُدركوهم، فقيل له: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾.


(١) شخص: أي: خرج. اللسان (ش خ ص).
(٢) في ص: "بين بني".
(٣) بعده في ت ٢ ت ٣: "القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾ ".