وقولُه: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه، تحقيقًا لوعيدِه، وتصحيحًا لخبرِه: ألا يومَ يأتِيهِم العذابُ الذي يُكَذِّبون به ﴿لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾. يقولُ: ليس يصرِفُه عنهم صارفٌ، ولا يدفَعُه عنهم دافِعٌ، ولكنه يَحِلُّ بهم فيُهْلِكُهم، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يقولُ: ونَزَلَ بهم وأصابهم الذي كانوا به يَسْخَرون مِن عذابِ اللَّهِ، وكان استهزاؤُهم به الذي ذَكَره اللَّهُ قيلَهم قبلَ نزولِه:"ما يحبِسُه" [و"هلّا تأتينا به"] (١)؟
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك كان بعضُ أهلِ التأويلِ يقولُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. قال: ما جاءت به أنبياؤُهم مِن الحقِّ.
يقولُ تعالى ذكرُه: ولئن أَذَقْنا الإنسانَ مِنَّا رخاءً وسعةً في الرزقِ والعيشِ، فبسَطْنا عليه مِن الدنيا، وهي الرحمةُ التي ذَكَرها تعالى ذكرُه في هذا الموضعِ، ﴿ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ﴾. يقولُ: ثم سَلَبْناه ذلك، فأصابَته مصائبُ أَجاحَتْه، فذَهَبَت به، ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾. يقولُ: يظَلُّ قَنِطًا مِن رحمةِ اللَّهِ، آيسًا مِن الخيرِ.