للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. وأخْبَر جلَّ ثناؤُه عبادَه أن هذا الكتابَ هُدًى لأهلِ الإيمانِ بمحمدٍ وبما جاء به، المُصَدِّقين بما أُنْزِل إليه وإلى مَن قبلَه مِن رسلِه مِن البيناتِ والهدى، خاصَّةً دون مَن كذَّب بمحمدٍ وبما جاء به، وادَّعى أنه مُصَدِّقٌ بمَن قبلَ محمدٍ مِن الرسلِ، وبما جاء به مِن الكتبِ، ثم أكَّد جلَّ ثناؤُه أمرَ المؤمنين مِن العربِ ومِن أهلِ الكتابِ المُصَدِّقين بمحمدٍ وبما أُنْزِل إليه وإلى مَن قبلَه مِن الرسلِ بقولِه: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. فأخْبَر أنهم هم أهلُ الهدى والفلاحِ خاصَّةً دون غيرِهم، وأن غيرَهم هم أهلُ الضلالِ والخَسَارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في مَن عَنَى اللَّهُ جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾؛ فقال بعضُهم: عَنَى بذلك أهلَ الصِّفتَيْن المتقدمتَيْن، أعْنِي المؤمنين بالغيبِ مِن العربِ، والمؤمنين بما أُنْزِل إلى محمدٍ وإلى مَن قبلَه مِن الرسلِ، وإياهم جميعًا وصَف بأنهم على هُدًى منه، وأنهم هم المُفْلِحون.

ذكْرُ مَن قال ذلك مِن أهلِ التأويلِ

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدِّيِّ في خبرٍ ذكَره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، وعن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ النبيِّ : أما ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ فهم المؤمنون مِن العربِ، ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ المؤمنون مِن أهلِ الكتابِ، ثم جمَع الفريقَيْن، فقال: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ