للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١).

وقال بعضُهم: بل عنَى بذلك المتقين الذين يُؤْمِنون بالغيبِ، وهم الذين يؤمنون بما أُنْزِل إلى محمدٍ وبما أُنْزِل إلى مَن قبلَه مِن الرسلِ.

وقال آخرون: بل عنَى بذلك الذين يؤمنون بما أُنْزِل إلى محمدٍ وبما أُنْزِل إلى مَن قبلَه، وهم مُؤمنو أهلِ الكتابِ الذين صدَّقوا بمحمدٍ وبما جاء به، وكانوا مؤمنين مِن قبلُ بسائرِ الأنبياء والكتبِ.

وعلى هذا التأويلِ (٢) الآخرِ يَحْتَمِلُ أن يكونَ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ في مَحَلِّ خفضٍ، ومَحَلِّ رفعٍ؛ فأما الرفعُ فيه فإنه يَأْتِيها مِن وجهَيْن؛ أحدُهما، مِن قِبَلِ العطفِ على ما في ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ مِن ذِكْرِ ﴿الَّذِينَ﴾ والثاني، أن يكونَ خبرًا (٣) مبتدأً، ويكونَ ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾. مرافعَها.

وأما الخفضُ، فعلى العطفِ على "المُتَّقِينَ" وإذا كانت معطوفةً على ﴿الَّذِينَ﴾ اتَّجَه لها وجهان مِن المعنى؛ أحدُهما، أن تَكونَ هي و ﴿الَّذِينَ﴾ الأولى مِن صفةِ المتقين. وذلك على تأويلِ مَن رأَى أن الآياتِ الأربعَ بعدَ ﴿الم﴾ نزَلَت في صِنفٍ واحدٍ مِن أصنافِ المؤمنين. والوجهُ الثاني، أن تكونَ ﴿الَّذِينَ﴾ الثانيةُ معطوفةً في الإعرابِ على "المتَّقين" بمعنى الخفضِ، وهم في المعنى صنفٌ غيرُ


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٦٩ عن السدي به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥ إلى المصنف عن ابن مسعود وحده. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٥، ٣٨، ٤٠ (٦٥، ٨٣، ٨٩) من طريق عمرو، عن أسباط، عن السدي من قوله.
(٢) في ص: "الوجه".
(٣) في ص، م: "خبر". والمقصود: أن يكون خبرا مقدما.