للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القرآنِ من "رقبةٍ مؤمنةٍ"، فلا يُجْزِئُ إلا ما صام وصلَّى، وما كان ليس بمؤمنةٍ فالصبيُّ يُجْزِئُ.

وقال بعضُهم: لا يُقالُ للمولودِ: رقبةٌ. إلا بعد مدةٍ تَأْتِى عليه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ يزيدَ الرِّفاعيُّ، قال: ثنا يحيى بنُ زكريا بن أبى زائدةَ، عن محمدِ بن شُعَيْبِ بن شَابُورَ، عن النعمانِ بن المنذرِ، عن سليمانَ، قال: إذا وُلِد الصىيُّ فهو نَسَمةٌ، وإذا انْقَلَب ظهرًا لبطنٍ فهو رقبةٌ، وإذا صلَّى فهو مؤمنةٌ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يُقالَ: إن الله تعالى عمَّ بذكرِ الرقبةِ كلَّ رقبةٍ، فأيَّ رقبةٍ حرَّرها المكفِّرُ يمينَه في كفارتِه، فقد أدَّى ما كُلِّف، إلا ما ذكَرْنا أن الحجةَ مُجْمِعةٌ على أن الله تعالى لم يَعْنِه بالتحريرِ، فذلك خارجٌ مِن حكمِ الآيةِ، وما عدا ذلك فجائزٌ تحريرُه في الكفارةِ بظاهرِ التنزيلِ.

والمكفَّرُ مُخيَّرٌ في تكفيرِ يمينهِ التي حنِث فيها، بإحدى هذه الحالاتِ الثلاثِ التي سمَّاها اللهُ في كتابِه؛ وذلك إطعامُ عشَرةِ مَساكينَ مِن أوسطِ ما يُطْعِمُ أهلَه، أو كسوتُهم، أو تحريرُ رقبةٍ، بإجماعٍ مِن الجميعِ، لا خلافَ بينَهم في ذلك.

فإن ظنَّ ظانٌّ أن ما قلنا مِن أن ذلك إجماعٌ مِن الجميع ليس كما قلنا؛ لِمَا حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك بن أبى الشَّوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: ثنا سليمانُ الشَّيْبانيُّ، قال: ثنا أبو الضُّحَى، عن مسروقٍ، قال: جاء مَعْقِلُ (١) بنُ مُقَرِّنٍ إلى عبدِ اللهِ، فقال: إنى آلَيْتُ مِن النساءِ والفِراشِ. فقرَأ عبدُ اللهِ هذه الآيةَ: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧]. قال:


(١) في م: "نعمان".