للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أفأمِن يا محمدُ هؤلاءِ الذين يكذِّبون الله ورسولَه، ويَجْحَدون آياتِه، استدراجَ اللهِ إياهم بما أنعَم به عليهم في دنياهم من صحةِ الأبدانِ ورخاءِ العيشِ، كما اسْتَدْرَج الذين قصَّ عليهم قصَصَهم من الأممِ قبلَهم، فإنَّ مكرَ اللَّهِ لا يَأْمَنُه - يقولُ: لا يأمنُ ذلك أن يكونَ استدراجًا مع مُقامِهم على كفرِهم وإصرارِهم على معصيتِهم - ﴿إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾: وهم الهالكون.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)﴾.

يقولُ جل ثناؤُه: أولم يَتَبَيَّنْ (١) للذين يُسْتَخلفون في الأرضِ بعدَ هلاكِ آخرين قبلَهم كانوا أهلَها، فساروا سيرتَهم وعمِلوا أعمالَهم، وعتَوا على (٢) ربِّهم - ﴿أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾. يقولُ: أن لو نشاءُ فعلنا بهم (٣) فعلَنا بمَن قبلَهم، فأخذْناهم بذنوبهم، وعجَّلنا لهم بَأْسَنا، كما عجَّلناه لمَن كان قبلَهم ممَّن وَرِثوا عنه الأرضَ، فأهلكْناهم بذنوبِهم، ﴿وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. يقولُ: ونختِمُ على قلوبِهم ﴿فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾. موعظةً ولا تذكيرًا، سماعَ منتفعٍ بهما.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "نبين"، وفى م: "يبين".
(٢) في م: "عن أمر".
(٣) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "كما".