للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل عَنَى به مَنْزِلَ السماءِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾. قال: مَنْزِلَ السماءِ.

وقد بَيَّنَا فيما مضَى قبلُ (١)، أن السببَ هو كلُّ ما تُسُبِّبَ به إلى الوصولِ إلى ما يُطْلَبُ؛ مِن حبلٍ وسُلَّمٍ وطريقٍ، وغيرِ ذلك.

فأَوْلَى قول بالصوابِ في ذلك أن يقالَ: مَعْناه: لَعَلِّى أَبْلُغُ مِن أسبابِ السماواتِ أسبابًا أَتَسَبَّبُ بها إلى رؤيةِ إله موسى، طُرُقًا كانت تلك الأسبابُ منها، أو أبوابًا، أو منازلَ، أو غيرَ ذلك.

وقولُه: ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾. اخْتَلَفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَأَطَّلِعَ﴾؛ فقرأَتْ ذلك عامة قرأة الأمصارِ: (فأطَّلِعُ) بضَمِّ العينِ، رَدًّا به على قولِه: ﴿أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ﴾، وعطفًا به عليه (٢). وذُكِر عن حُميدٍ الأعرجِ أنه قَرَأه: ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ (٣). نصبًا، جوابًا لـ "لعل" (٤)، وقد ذكَر الفَرَّاءُ أن بعضَ العربِ أَنْشَدَه (٥):


(١) تقدم في ١٥/ ٣٧١ - ٣٧٤، ٣٨١، ٣٨٤، ١٦/ ٤٧٨ - ٤٨٢.
(٢) قرأ عاصم في رواية حفص عنه: ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ نصبًا، وقرأ الباقون وعاصم في رواية أبي بكر عنه: (فأطَّلِعُ) رفعًا. السبعة لابن مجاهد ص ٥٧٠، وينظر النشر ٢/ ٢٧٣.
(٣) ينظر تفسير البغوي ٧/ ١٤٩، وتفسير القرطبي ١٥/ ٣١٥، والبحر المحيط ٧/ ٤٦٥.
(٤) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "لعلي".
(٥) معاني القرآن للفراء ٣/ ٩، وينظر شرح شواهد المغنى للسيوطى ١/ ٤٥٤.