بكم أن يُعَاقِبَكم بعدَ توبِتكم. ونصَب "نُزُلًا" على المصدرِ من معنى قولِه: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾. لأن في ذلك تأويلَ أنزَلكم ربُّكم بما تَشْتَهون من النعيمِ "نُزُلًا".
يقولُ تعالى ذكرُه: ومن أحسنُ أيُّها الناسُ قولًا ممن قال: ربُّنا اللَّهُ، ثم استَقام على الإيمانِ به، والانتهاءِ إلى أمرِه ونهيِه، ودعا عبادَ اللَّهِ إلى ما قال وعمِل به من ذلك.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، قال: تلا الحسنُ: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)﴾. قال: هذا حبيبُ اللَّهِ، هذا وليُّ اللَّهِ، هذا صفوةُ اللَّهِ، هذا خِيرةُ اللَّهِ، هذا أحبُّ الخلقِ إلى اللَّهِ، أَجابَ اللَّهَ في دعوتِه، ودعا الناسَ إلى ما أجاب اللَّهَ فيه من دعوتِه، وعمِل صالحًا في إجابتِه، وقال: إنني من المسلمين، فهذا خليفةُ اللَّهِ (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ
(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٤٤٦)، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨٧ عن معمر به، وذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٣٦٠، وابن كثير في تفسيره ٧/ ١٦٩.