للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. يقولُ: إنما يَتَّعِظُ بآياتِ اللَّهِ ويَعْتَبِرُ بها ذوو العقولِ؛ وهى الألبابُ، واحدُها: لُبٌّ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إنما يَتَّعِظُ ويَعْتَبِرُ بآياتِ اللَّهِ أولو الألبابِ، الذين يُوفون بوصيةِ اللَّهِ التي أوصاهم بها (١)، ﴿وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾: ولا يُخالفِون العهدَ الذي عاهَدوا اللَّهَ عليه إلى خِلافِه، فيَعْمَلوا بغيرِ ما أمَرهم به، ويخالِفوا إلى ما نهَى عنه.

وقد بيَّنا معنى العهْدِ والميثاقِ فيما مضَى بشواهدِه، فأغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا هشامٌ، عن عمرٍو، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، قال: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فبيَّن مَن هم، فقال: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾، فعليكم بوفاءِ العهدِ، ولا تَنْقُضُوا هذا الميثاقَ، فإن اللَّهَ تعالى قد نهَى وقدَّم فيه أشدَّ التقدِمةِ، فذكَره في بضعٍ وعشرين موضعًا، نصيحةً لكم، وتَقْدِمةً إليكم، وحُجَّةً عليكم، وإنما [تَعْظُمُ الأمورُ] (٣) بما عظَّمه اللَّهُ به عندَ أهلِ الفَهْمِ والعقلِ، فعظِّموا ما عظَّم اللَّهُ. قال قتادةُ: وذُكِر لنا أن رسولَ اللَّهِ ﷺ كان يقولُ


(١) سقط من: م.
(٢) تقدم في ١/ ٤٣٥.
(٣) في م: "يعظم الأمر".