للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَّفِقان في المنعِ مِن الوُصولِ إلى البيتِ وإتمامِ عملِ إحرامِهما (١)، وإن اختلَفت أسبابُ منعِهما، فكان أحدُهما ممنوعًا بعلَّةٍ في بَدَنِه، والآخرُ بمنعِ مانعٍ؟ ثم يُسَأَلُ عن الفرقِ بينَ ذلك مِن أصلٍ أو قياسٍ، فلن يقولَ في أحدِهما قولًا (٢) إلا أُلزِم في الآخرِ مِثلَه.

وأما الذين قالوا: لا إحصارَ في العمرةِ. فإنه يُقالُ لهم: قد علِمتم أن النبيَّ إنما صُدَّ عن البيتِ وهو مُحرِمٌ بالعُمْرةِ، فحَلَّ مِن إحرامِه، فما بُرهانُكم على [ألا إحصارَ] (٣) فيها؟ أوَ رأَيتم إن قال قائلٌ: لا إحصارَ في حَجٍّ، وإنما فيه فَوْتٌ، وعلى الفائتِ الحَجَّ المُقامُ على إحرامِه حتى يَطُوفَ بالبيتِ ويسعى بينَ الصفا والمروةِ؛ لأنه لم يَصِحَّ عن النبيِّ أنه سَنَّ في الإحصارِ في الحجِّ سُنَّةً - فقد قال ذلك جماعةٌ مِن أئمةِ الدينِ - فأما العمرةُ فإنَّ النبيَّ قد سَنَّ فيها ما سَنَّ، وأنزَل اللَّهُ في حُكْمِها ما بيَّن مِن الإحلالِ والقضاءِ الذي فعَله رسولُ اللَّهِ ، ففيها الإحصارُ دونَ الحجِّ، هل بينَها (٤) وبينَه فرقٌ؟ ثم يُعْكَسُ عليه القولُ في ذلك، فلن يَقولَ في أحدِهما شيئًا إلا أُلزِم في الآخرِ مثلَه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: فإن أُحْصِرْتم فما اسْتَيْسر من الهدْيِ، ولا تحْلِقُوا رءُوسَكم حتى يَبْلُغَ الهدْيُ محِلَّه، إلا أنْ يُضْطَرَّ إلى حَلْقِه منكم مُضْطَرٌّ؛ إما لمرَضٍ،


(١) في الأصل: "إحرامها".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "شيئًا".
(٣) في م: "عدم الإحصار"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "ألا حصار".
(٤) في م: "بينك".