للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ مَن قال: نزَلت هذه الآيةُ يومَ الخندقِ (١)

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا﴾. قال: أصابهم (٢) هذا يومَ الأحزابِ، حتى (٣) قال قائلُهم: ﴿مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ (٤) [الأحزاب: ١٢].

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ﴾. قال: نزَلت في يومِ الأحزابِ، أصابَ رسولَ اللهِ ﷺ وأصحابَه بلاءٌ وحصْرٌ، فكانوا كما قال اللهُ جل وعز: ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ (٥) [الأحزاب: ١٠].

وأما قولُه: ﴿وَلَمَّا يَأْتِكُمْ﴾. فإن عامةَ أهلِ العربيةِ يَتأوَّلونه بمعنى: ولم يَأْتِكمْ. ويَزْعُمون أن "ما" صِلَةٌ وحَشْوٌ.

وقد بَيَّنْتُ القولَ في "ما" التى تُسَمِّيها أهلُ العربيةِ صِلةً، ما حُكْمُها، في غيرِ هذا الموضعِ بما أغْنَى عن إعادتِه (٦).

وأما معنى قولِه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. فإنه يعنى: شَبَهُ الذين خَلَوا فمضَوا قبلَكم.


(١) في م: "الأحزاب".
(٢) في م: "نزل"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "نزلت".
(٣) في م: "حين".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٨٠ (٢٠٠٤) من طريق عمرو به.
(٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ٨٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤٣ إلى ابن المنذر.
(٦) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٢٩، ٤٣٠، ٢/ ٢٣٤، ٢٣٥.