للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ "اقرأ"

القول في تأويل قوله جلَّ ثناؤُه وتقدست أسماؤه: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨)﴾.

يعنى جل ثناؤه بقوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾: محمدًا. يقول: اقرَأْ يا محمدُ بذكرِ ربِّك الذي خلَق.

ثم بين الذي خلق فقال: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾. يعنى: من الدم، وقال: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾. والمراد به: من عَلَقَةٍ؛ لأنه ذهَب إلى الجمعِ، كما يقالُ: شجرة وشجرٌ، وقصبَةٌ وقَصَبٌ، وكذلك علقةٌ وعَلَقٌ. وإنما قال: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾، والإنسانُ في لفظِ واحدٍ؛ لأنه في معنى جمع، وإن كان في لفظِ واحدٍ؛ فلذلك قيل: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾.

وقوله: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾. يقولُ: اقْرَأْ يا محمدُ ﴿وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ خَلْقَه الكتاب والخَطَّ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾. قرأ حتى بلغ: ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾. قال: القلمُ نعمةٌ من اللَّهِ عظيمةٌ، لولا ذلك لم يقُمْ ولم يَصْلُحْ عيشٌ (١).

وقيل: إن هذه أوَّلُ سورة نزلت في القرآن على رسول اللَّهِ .


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.