للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممَّن هو [لها كافرٌ] (١)، فمَنِّي على مَن منَنْتُ عليه منهم بالهدايةِ؛ جزاءَ شكرِه إياي على نعمتي، وتَخْذيلي مَن خَذَلْتُ منهم عن سبيلِ الرَّشادِ؛ عقوبةَ كُفْرانِه إياي نعمتي - لا لِغنَى الغنيِّ منهم، ولا لفَقْرِ الفقيرِ؛ لأن الثوابَ والعقابَ لا يَسْتَحِقُّه أحدٌ إلا جزاءً على عملِه الذي اكْتَسَبه، لا على غناه وفقرِه؛ لأن الغِنَى والفقرَ، والعجزَ والقوةَ، ليس مِن أفعالِ خلقي.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الذين عنَى اللهُ تعالى ذكرُه بهذه الآية؛ فقال بعضُهم: عنَى بها الذين نهى اللهُ نبيَّه عن طردِهم. وقد مضت ممم ١ لروايةُ بذلك عن قائليه.

وقال آخرون: عنَى بها قومًا اسْتَفْتَوُا النبيَّ ﷺ في ذنوبٍ أصابوها عظامٍ، فلم يُؤَيِّسْهم اللهُ مِن التوبةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بن بشارٍ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، قال: ثنا سفيانُ، عن مُجَمِّعٍ، قال: سمِعْتُ ماهانَ، قال: جاء قومٌ إلى النبيِّ ﷺ قد أصابوا ذنوبًا عظامًا، قال ماهانُ: فما إخالُه ردَّ عليهم شيئًا. قال: فأَنْزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ الآية (٢).

حدَّثنا هنادٌ، قال: ثنا قَبيصةُ، عن سفيانَ، عن مُجَمِّعٍ، عن ماهانَ، أن قومًا


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له كافرا".
(٢) تفسير سفيان ص ١٠٧، ١٠٨، وأخرجه مسدد في مسنده - كما في المطالب العالية (٣٩٧٣) - من طريق يحيى بن سعيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٤ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.