منه له ولأمتِه، فكأنه قيل له: فأقم وجهك أنت وأمتُك للدين حنيفًا لله، منيبين إليه.
وقوله: ﴿وَاتَّقُوهُ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: وخافوا الله وراقبوه أن تُفرِّطوا في طاعتِه، وتركبوا معصيتهِ، ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. يقولُ: ولا تكونوا من أهل الشرك بالله بتضييعكم، فرائضَه، وركوبكم معاصيه، وخلافكم الدين الذي دعاكم إليه.
وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾. يقولُ: ولا تكونوا مِن المشركين الذين بدلوا دينهم وخالفوه ففارقوه، ﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾. يقولُ: وكانوا أحزابا فِرَقًا كاليهود والنصارى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذِكرُ مَن قال ذلك
حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾: وهم اليهودُ والنصارى (١).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ إلى آخر الآية. قال: هؤلاء يهود.
فلو وجه قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾. إلى أنه خبر مستأنف منقطعٌ عن قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. وأن معناه: من الذين فرَّقوا دِينَهُم وكانُوا شِيَعًا أحزابًا، ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ - كان وجهًا يحتمله الكلام.
وقوله: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾. يقولُ: كل طائفة وفرقةٍ مِن هؤلاء