للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذُرِّيَّتى فاجْعَلْ مثلَ الذى جعَلْتنى به مِن الإمامةِ للناسِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)﴾.

وهذا خبرٌ من اللهِ جل ثناؤُه عن أن الظالمَ لا يكونُ إمامًا يَقْتَدِى به أهلُ الخيرِ. وهو مِن اللهِ جلَّ ثناؤه جوابٌ لإبراهيمَ (١) في مسألتِه إياه أن يجعلَ من ذرِّيتِه أئمةً مثلَه. فأخبَره أنه فاعلٌ ذلك إلا بمن كان من أهلِ الظلمِ منهم، فإنه غيرُ مُصَيِّرِه كذلك، ولا جاعلِه في محلِّ أوليائِه عنده بالتَّكْرمةِ بالإمامةِ؛ لأن الإمامةَ إنما هى لأوليائِه وأهلِ طاعتِه، دون أعدائِه والكافرين به.

واختَلف أهلُ التأويلِ في العهدِ الذى حرَم اللهُ تعالى ذكرُه الظالمين أن ينالُوه؛ فقال بعضُهم: ذلك العهدُ هو النُّبوَّةُ.

ذكرُ من قال ذلك

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّىِّ: (قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). يقولُ: عهدى: نبوّتى (٢).

فمعنى تأويلِ (٣) هذا القولِ في تأويله (٤) الآيةَ: لا ينالُ النُّبوَّةَ أهلُ الظلمِ والشركِ.

وقال آخَرون: معنى العهدِ عهدُ الإمامةِ.

فتأويلُ الآيةِ على قولِهم: لا أجعلُ من كان من ذرِّيتِك [يإبراهيمُ] (٥) ظالمًا،


(١) في م: "لما توهم"، وفى ت ١: "لا يوهم"، وفى ت ٢: "لا يتوهم".
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٢٣ (١١٨٢)، من طريق عمرو به.
(٣) في م: "قائل".
(٤) في م: "تأويل".
(٥) في م: "بأسرهم".