للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿افْتَرَاهُ﴾ اخْتلَقه وتخرَّصَه [وتقوَّلَه] (١)، ﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾. ذُكِر أنَّهم كانوا يقولون: إنَّما يُعَلِّمُ محمدًا هذا الذي يجيئُنا به اليهودُ. فذلك قولُه: ﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾. يقولُ: وأعان محمدًا على هذا الإفكِ الذي افتراه يهودُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾. قال: يهودُ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وقولُه: ﴿فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فقد أتى قائلُو هذه المقالةِ - يعنى الذين قالوا: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ - ﴿ظُلْمًا﴾، يعنى بالظلمِ نسبتَهم كلامَ اللهِ وتَنْزِيلَه إلى أنَّه إفكٌ افترَاه محمدٌ .

وقد بيَّنا فيما مضى أنَّ معنى الظُّلمِ. وَضْعُ الشيءِ في غيرِ موضعِه (٣). فكأَنَّ ظُلْمَ قائلى هذه المقالةِ القرآنَ بقيلِهم هذا وَصْفُهُم إِيَّاهُ بغيرِ صفتِه.


(١) في م: "بقوله".
(٢) تفسير مجاهد ص ٤٩٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٦٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٣ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٥٩، ٥٦٠.