للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آمَنَّا. فكان قولُه: ﴿أَنْ يُتْرَكُوا﴾. مكتفيةً بوقوعِها على "الناسِ"، دونَ أخبارِهم.

وإن جُعِلَت ﴿أَنْ﴾ فى قولِه: ﴿أَنْ يَقُولُوا﴾ منصوبةٌ بنيةِ تكريرِ ﴿أَحَسِبَ﴾، كان جائزًا، فيكونُ معنى الكلامِ: [أحَسِب الناسُ] (١) أن يُتْرَكوا، أحسِبوا أن يقولوا: آمنا. وهم لا يُفْتَنون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: ولقد اخْتَبَرْنا الذين مِن قبلِهم مِن الأممِ، ممَّن أَرْسَلْنا إليهم رسلَنا، فقالوا مثلَ ما قالتْه أمتُك يا محمدُ -بأعدائِهم، وتمكينِنا إياهم مِن أذاهم؛ كموسى إذ أرْسَلْناه إلى بنى إسرائيلَ، [فابتلَيْناهم بفرعونَ وملئِهم، وكعيسى إذ أَرْسَلْناه إلى بنى إسرائيلَ] (٢)، فَابْتَلَيْنا مَن اتَّبَعه بمَن تَوَلَّى عنه، فكذلك ابْتَلَيْنَا تُباعَك بمُخالِفيك (٣) مِن أعدائِك، ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ منهم (٤) في قيلِهم: آمَنَّا. ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ منهم (٤) في قيلِهم ذلك، واللهُ عالمٌ بذلك منهم قبلَ الاختبارِ، وفى حالِ الا ختبارِ، وبعدَ الاختبارِ، ولكنَّ معنى ذلك: ولَيُظْهِرَنَّ اللهُ صدقَ الصادقِ منهم فى قيلِه: آمَنَّا بِاللهِ. مِن كَذِب الكاذبِ منهم (٤)، بابتلائِه إياه بعدوِّه؛ ليَعْلَمَ صدقَه مِن كذبِه أولياؤُه. على نحوِ ما قد بيَّناه فيما مضَى قبلُ (٥).

وذُكِر أن هذه الآيةَ نزلَت في قومٍ مِن المسلمين عذَّبهم المشركون، ففُتِن بعضُهم، وصبَر بعضُهم على أذاهم، حتى أتاهم اللهُ (٤) بفرجٍ مِن عندِه.


(١) سقط من: ت ٢.
(٢) سقط من ت ١، ت ٢.
(٣) في ت ١، ت ٢: "بمخالفتك".
(٤) سقط من: ت ٢.
(٥) ينظر ما تقدم في ٢/ ٦٤١ - ٦٤٥.