للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحديثُها أخبارها على القولِ الذي ذكرناه عن عبدِ اللَّهِ بن مسعودٍ، أنْ تتكلَّمَ فتقول: إنَّ اللَّهَ أَمَرنى بهذا، وأوحى إليَّ به، وأَذِن لي فيه.

وأما سعيدُ بن جبيرٍ، فإنه كان يقولُ في ذلك ما حدَّثنا به أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن إسماعيلَ بن عبدِ الملك، قال: سمِعتُ سعيدَ بن جبيرٍ يقرأُ (١) في المغربِ مرَّةً: (يَوْمَئِذٍ تُنْبِيُّ أخبارها). ومرَّةً: ﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ (٢).

فكأنَّ معنى ﴿تُحَدِّثُ﴾ كان عندَ سعيدٍ: تُنْبِئُ (٣). وتنبيئُها أخبارَها إخراجُها أثقالَها مِن بطنِها إلى ظهرِها. وهذا قولٌ عندى صحيحُ المعنى. وتأويلُ الكلامِ على هذا المعنى: يومَئِذٍ تُبيِّنُ الأرضُ أخبارَها بالزلزلة والرَّجَّةِ، وإخراجِ الموتى مِن بطونها إلى ظهورِها، بوحيِ اللَّهِ إليها وإذنِه لها بذلك. وذلك معنى قولِه: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنُ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾: يقولُ (٤): ﴿رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾.


(١) في ت ٢، ت ٣: "يقولُ".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٣٥٨ عن وكيع به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٦/ ٣٨٠، إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنبارى في المصاحف. وقراءة (تنبئ) شاذة. ينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٧٧.
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "تبين".
(٤) في م: "بأن".