للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ: ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾: الجنةُ.

وأولى القولين بالصوابِ في ذلك عندي القولُ الذي قاله مجاهدٌ؛ لأنَّ اللَّهَ عمَّ الخبرَ بقولِه: ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾ عن كلِّ ما وعَدَنا مِن خيرٍ أو شرٍّ، ولم يَخْصُصْ بذلك بعضًا دونَ بعضٍ، فهو على عمومِه كما عمَّه اللَّهُ جلَّ ثناؤُه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه وجلَّ اسمُه مُقْسِمًا لخَلْقِه بنفسِه: فوربِّ السماءِ والأرضِ، إنَّ الذي قلتُ لكم أيُّها الناسُ: إنَّ في السماءِ رزقَكم وما توعدون - لحقٌّ، كما حقٌّ أنكم تَنْطِقون.

وقد حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾. قال: بلَغَني أنَّ رسولَ اللَّهِ قال: "قاتَل اللَّهُ أقوامًا أَقْسَم لهم ربُّهم بنفسِه فلم يُصدِّقوه" (١).

وقال الفرَّاءُ (٢): للجمعِ بينَ "ما" و"أنَّ" في هذا الموضعِ وجهان: أحدُهما: أن يكونَ ذلك نظيرَ جمعِ العربِ بينَ الشَّيْئَين مِن الأسماءِ والأدواتِ [إذا اختَلَفَ لفظُهما] (٣)، كقولِ الشاعرِ في الأسماءِ (٤):


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ٣٩٦ وعزاه لمسدد عن ابن أبي عدي به، والقرطبي في تفسيره ١٧/ ٤٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١٤ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) معاني القرآن للفراء ٣/ ٨٤، ٨٥.
(٣) سقط من: النسخ. والمثبت من معاني القرآن.
(٤) لم ينسبه الفراء، ونسبه البغدادي في خزانة الأدب ٦/ ٧٧ إلى أبي الرُّبيس المازني.