للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا﴾. قال: جَازَيْنا بها.

وقال: ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ فأخرَج قولَه: ﴿بِهَا﴾ مُخرَجَ كنايةِ المؤنثِ، وإن كان الذي تقدَّم ذلك قولَه: ﴿مِثْقَالَ حَبَّةٍ﴾؛ لأنَّه عنى بقوله: ﴿بِهَا﴾ الحبةَ دونَ المِثْقالِ، ولو عنى به المثقالَ لَقِيل: "به".

وقد ذُكِر أنَّ مجاهدًا إنَّما تأوَّل قولَه: ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ على ما ذكَرْنا عنه؛ لأنَّه كان يقرأُ ذلك (آتَيْنا بها) (١) بمدِّ الألفِ.

وقوله: ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾. يقولُ: وحسْبُ مَن شَهِد ذلك الموقفَ بنا حاسبين؛ لأنه لا أحدَ أعلمُ بأعمالِهم، وما سَلَف في الدِّنيا من صالحٍ أو سيِّئً، مِنَّا.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: ولقد آتَيْنا موسى بنَ عِمرانَ وأخاه هارونَ ﴿الْفُرْقَانَ﴾. يعنى به الكتابَ الذي يَفْرُقُ بينَ الحقِّ والباطلِ. وذلك هو التوراةُ في قولِ بعضِهم.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿الْفُرْقَانَ﴾. قال: الكتابَ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.


(١) وقرأ بها ابن عباس وابن جبير وابن أبي إسحاق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن محمد الأصبهاني، وهى قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٦/ ٣١٦.
(٢) تفسير مجاهد ص ٤٧٢.