للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله ﷿: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩)﴾.

يَعنى بذلك جلَّ ثناؤه أنه يُعاقِبُ الذين كفَروا بعد إيمانِهم، بما ذكَر أنه معاقبُهم به، من العذاب العظيم وتسويدِ الوجوه، ويُثِيبُ (١) أهل الإيمان به الذين ثبتوا على التصديقِ والوفاء بعُهودهم التي عاهَدوا عليها، بما وصَف أنه مثيبهم به، من الخلودِ في جنانه (٢)، من غيرِ ظلمٍ منه لأحد الفريقَين فيما فعل؛ لأنه لا حاجةَ به إلى الظلمِ، وذلك أن (٣) الظالمَ إنما يَظْلِمُ غيرَه لِيَزْدادَ إلى عزِّه (٤) عزةً بظلمِه إياه، وإلى سلطانِه سلطانًا، أو (٥) إلى مُلكه مُلكًا؛ [أو إلى نقصانٍ] (٦) في بعضِ أسبابِه، يُتَمِّمُ بها (٧) ظلمَ غيرِه فيه ما كان ناقصًا من أسبابه عن التمامِ، فأما مَن كان له جميعُ ما بينَ أقطار المشارقِ والمغاربِ، وما في الدنيا والآخرة، فلا معنى لظلمه أحدًا، فيجُوز (٨) أن يَظْلِمَ شيئًا؛ لأنه ليس من أسبابه شيءٌ ناقصٌ يَحْتاجُ إلى تمامٍ، فيتمَّ ذلك بظلمِ غيرِه، تعالى اللَّهُ عُلُوًّا كبيرًا. ولذلك قال جلَّ ثناؤه عَقِيبَ قولِه: ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.


(١) في ص: "يثبت"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "تثبت"، وفى س: "تثبيت".
(٢) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "جناته".
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) في م: "عزته".
(٥) في م: "و".
(٦) في م: "لنقصان".
(٧) في م: "بما".
(٨) في س: "فلا يجوز".