للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له بعينِه، فمتى بطَل ذلك المالُ وعُدِم، فقد بطلَ دَينُ ربِّ المالِ، وذلك ما لا يقولُه أحدٌ، أو يكونُ في رقبتِه فإن يكنْ ذلك كذلك فمتى عُدِمت نفسُه فقد بطَل دينُ رَبِّ الدَّيْنِ وإن خلَّف الغريمُ وفاءً بحقِّه وأضعافَ ذلك، وذلك أيضًا ما لا يقولُه أحدٌ، فقد تبيَّن إذًا إذ كان ذلك كذلك، أن دَيْنَ ربِّ المالِ في ذمةِ غريمِه، يقضيه من مالِه، فإذا عُدِم مالُه فلا سبيلَ له على رقبتِه؛ لأنه قد عُدِم ما كان له عليه أن يُؤَدِّيَ منه حقَّ صاحبِه لو كان موجودًا، وإذا لم يكنْ على رقبتِه سبيلٌ، لم يكنْ إلى حبسِه وهو مُعْدِمٌ (١) بحقِّه سبيلٌ؛ لأنه غيرُ مانعِه حقًّا له إلى قضائِه سبيلٌ، فيعاقَبَ بظلمِه إيَّاه بالحبسِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)﴾.

يعنى جلّ ثناؤه بذلك: وأن تَتصَدَّقوا برءوسِ أموالِكم على هذا المعسِرِ، ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أيُّها القومُ من أن تُنْظِروه إلى ميسرتِه لتَقْبِضوا رءوسَ أموالِكم منه إذا أَيْسَر، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ موضعَ الفضلِ في الصدقةِ، وما أوْجَب اللهُ من الثوابِ لَمَن وضَع عن غريمِه المعسرِ دَينَه.

واخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: وأن تَصَدَّقوا برءوسِ أموالِكم على الغنيِّ والفقيرِ منهم خيرٌ لكم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾: والمالُ الذي لهم على ظهورِ الرجالِ،


(١) في م: "معدوم".