للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونستغفرُ من ذلك. أتى رجلٌ صلاةَ المغربِ، فجعَل يقرأُ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [الكافرون: ١ - ٣] فجعَل لا يجوزُ (١) ذلك، ولا يَدْرِى ما يقرأُ، فأنزَل اللهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾. فكان الناسُ يشربون الخمرَ حتى يجئَ وقتُ الصلاةِ، فيَدَعون شُرْبَها، فيأتون الصلاةَ وهم يَعْلَمون ما يقولون، فلم يزالوا كذلك، حتى أنزَل اللهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ﴾. إلى قولِه: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾. فقالوا: انتهينا يا ربِّ (٢).

وقال آخرون: نزَلت هذه الآيةُ بسببِ سعدِ بن أبى وقاصٍ، وذلك أنه كان لاحَى رَجُلًا على شَرَابٍ لهما، فضرَبه صاحبُه بلَحْيَىْ (٣) جَمَلٍ فَفَزَر أَنفَه (٤)، فنزَلت فيهما.

ذِكْرُ الروايةِ بذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن سماكِ بن حربٍ، عن مُصْعَبِ بن سعدِ، عن أبيه سعدٍ أنه قال: صنَع رجلٌ من الأنصارِ طعامًا، فدعانا. قال: فشرِبنا الخمرَ حتى انْتَشَيْنا، فتفاخَرَتِ الأنصارُ وقريشٌ، فقالت الأنصارُ: نحن أفضلُ منكم. قال: فأخذ رجلٌ من الأنصارِ لَحْيَىْ جملٍ، فضرَب به أَنفَ سعدٍ، ففزَره، فكان سعدٌ أفزرَ الأنفِ. قال: فنزَلت هذه الآيةُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٥).


(١) في م، ومطبوعة الدر المنثور: "يجوّد". والمثبت موافق أيضا لنسخة خطية من الدر المنثور.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣١٨ إلى المصنف.
(٣) في م: "لحى".
(٤) فزر أنفه: شقه. النهاية ٣/ ٢٤٣.
(٥) أخرجه مسلم (١٧٤٨)، والبزار (١١٤٩) عن محمد بن المثنى به، مطولا، وأخرجه أحمد ١/ ١٨٥ =