حدَّثنا أحمدُ بنُ حازمٍ، قال: ثنا أبي، قال: حدَّثَتْني أمِّي حمَّادةُ ابنةُ محمدٍ، قالت: سمِعتُ أبي محمدَ بنَ عبدِ الرحمنِ يقولُ في هذه الآية في قولِ اللهِ جلَّ وعزَّ: ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾. قال: الصغيرةُ الضَّحكُ.
ويعنى بقولِه: ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ﴾: [ما شأنُ هذا الكتابِ](١)، ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً﴾. يقولُ: لا يُبقِى صغيرةً من ذنوبِنا وأعمالنِا ولا كبيرةً مِنها، ﴿إِلَّا أَحْصَاهَا﴾. يقولُ: إلَّا حفِظها. ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا﴾ في الدنيا من عمَلٍ، ﴿حَاضِرًا﴾ في كتابِهم ذلك مكتوبًا مُثْبتًا، فجُوزوا بالسيئةِ مثلَها، وبالحسنةِ ما اللهُ جازِيهم بها، ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾. يقولُ: ولا يجازِى ربُّك يا محمدُ أحدًا بغيرِ ما هو أهلُه؛ لا يُجازِى بالإحسانِ إلا أهلَ الإحسانِ، ولا بالسيئةِ إلا أهلَ السيئةِ، وذلك هو العدلُ.
يقولُ تعالى ذكرُه مذكِّرًا هؤلاء المشركين حسَدَ إبليسَ أباهم، ومُعْلِمَهم ما كان منه من كِبْرِه واستكبارِه عليه حينَ أمَره بالسجودِ له، وأنه من العَدَاوةِ والحسَدِ لهم على مثلِ الذى كان عليه لأبيهم: ﴿وَ﴾ اذْكُرْ يا محمدُ ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ الذى يُطيعُه هؤلاء المشركون، ويتَّبِعون أمْرَه،