للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكتوبٌ من أعمالِهم السيئةِ التي عمِلُوها في الدنيا، أن يؤاخَذوا بها، ﴿وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾. يعنى أنَّهم يقولون إذا قرَءُوا كتابَهم، ورأَوْا ما قد كُتِب عليهم فيه من صغائرِ ذنوبِهم وكبائرِها، نادَوا بالويلِ حينَ أيقَنوا بعذابِ اللهِ، وضَجُّوا مما قد عرَفوا من أفعالِهم (١) الخبيثةِ التي قد أحصاها كتابُهم، ولم يَقْدِروا أن يُنكِرُوا صحَّتَها.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾: اشتكَى القومُ، كما تسمَعون، الإحصاءَ، ولم يشتكِ أحدٌ ظُلمًا، فإيَّاكم والمحقَّراتِ من الذنوبِ؛ فإنها تجتَمِعُ على صاحبِها حتى تُهلِكَه، ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ كان يضْرِبُ لها مثلًا، يقولُ: "كَمَثَلِ قَوْمٍ انْطلقوا يَسيرُون حتى نَزَلوا بفَلاةٍ من الأرضِ، وحضَر صَنيعُ القومِ، فانطلَق كلُّ رَجُلٍ يحتَطِبُ، فجَعَل الرَّجُلُ يَجِيءُ بالعُودِ، ويَجِيءُ الآخرُ بالعُودِ، حتى جمَعوا سَوادًا كثيرًا وأجَّجُوا نارًا، فإِنَّ الذنبَ الصغيرَ، يَجْتَمِعُ على صَاحبِه حتى يُهلِكَه" (٢).

وقيل: إنَّه عنى بالصغيرة في هذا الموضعِ الضحكَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني زكريا بنُ يحيى بنِ أبي زائدةَ، قال: ثنا عبدُ الله بنُ داودَ، قال: ثنا محمدُ بنُ موسى، عن الزيَّالِ بنِ عمرٍو، عن ابنِ عباسٍ: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً﴾


(١) في ت ١: "أعمالهم".
(٢) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (٤٠٠)، من طريق قتادة موصولًا من حديث عبد الله بن مسعود، وأحمد (٣٨١٨)، وفي الزهد ص ٣١، والبيهقى ١٠/ ١٨٧، ١٨٨، وفي الشعب (٢٨٥) من طريق أبي داود الطيالسي به.