لقد علِم الأقوامُ ما كان داءَها … بثَهْلانَ إلا الخِزْىُ ممَّن يَقُودُها
ورُوِى أيضًا: ما كان داؤُها بثَهْلانَ إلا الخزىَ. نصبًا ورفعًا، على ما قد بيَّنْتُ، ولو فُعِل مثلُ ذلك مع "أن" كان جائزًا، غيرَ أن أفصحَ الكلامِ ما وصَفْتُ عندَ العربِ.
يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: فأَعْطَى اللهُ الرِّبِّيين الذين وصَفَهم بما وصفهم - مِن الصبرِ على طاعةِ اللهِ ﷿ بعدَ مَقْتَلِ أنبيائِهم، وعلى جهادِ عدوِّهم، والاستعانةِ باللهِ في أمورِهم، واقتفائِهم مَناهجَ إمامِهم، على ما أَبْلَوْا في اللهِ جلَّ وعزَّ - ﴿ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾، يعني: جزاءً في الدنيا، وذلك النصرُ على عدوِّهم وعدوِّ اللهِ، والظَّفَرُ والفتحُ عليهم، والتمكينُ لهم في البلادِ، ﴿وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ﴾، يعنى: وخيرَ جزاءِ الآخرةِ، على ما أسْلَفوا في الدنيا مِن أعمالِهم الصالحةِ، وذلك الجنةُ ونعيمُها.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾، فقرَأ حتى بلَغ ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾: إى واللهِ، لَآتاهم الفتحَ والظهورَ والتمكينَ والنصرَ على عدوِّهم في الدنيا، ﴿وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ﴾، يقولُ: وحسنَ الثوابِ في الآخرةِ وهى الجنةُ (١).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٨٤ (٤٣٠٥، ٤٣٠٧) من طريق يزيد به.