للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾: يعنى مكةَ (١).

وقولُه: ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾. يقولُ: ولربِّ هذه البلدةِ الأشياءُ كلُّها مِلْكًا، فإيَّاه أُمِرْتُ أن أعبدَ، لا مَن لا يملكُ شيئًا.

وإنما قال جلَّ ثناؤه: ﴿رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾. فخصَّها بالذِّكرِ دونَ سائرِ البلدانِ، وهو ربُّ البلادِ كلِّها؛ لأنَّه أراد تعريفَ المشركين مِن قومِ رسولِ اللهِ ، الذين هم أهلُ مكةَ - بذلك نعمتَه عليهم، وإحسانَه إليهم، وأنَّ الذي يَنْبَغى لهم أن يَعبدُوه هو الذي حرَّم بلَدَهم، فمنَع الناسَ منهم، وهم في سائرِ البلادِ يأكل بعضُهم بعضًا، ويَقْتلُ بعضُهم بعضًا، لا مَن لم تَجْرِ له عليهم نعمةٌ، ولا يَقْدرُ لهم على نفع ولا ضرٍّ.

وقولُه: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. يقولُ: وأَمرنى ربِّي أَن أُسْلِمَ وجْهِى له حنيفًا، فأكونَ من المسلمين الذين دانُوا بدينِ خليلِه إبراهيمَ وجدِّكم أيها المشركون، لا من خالف دينَ جدِّه المحقِّ، ودان دينَ إبليسَ عدوِّ اللهِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قلْ: إنما أُمرتُ أن أعبدَ ربَّ هذه البلدةِ، وأنْ أكونَ من المسلمين، ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى﴾. يقولُ: فمَن اتَّبَعَنى وآمَن بي وبما


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٩ إلى عبد بن حميد.