للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناسُ من الخبرِ عن تراجُعِ أهلِ النارِ، ولَعْنِ بعضِهم بعضًا، ودعاءِ بعضِهم على بعضٍ في النارِ ﴿لَحَقٌّ﴾ يقينٌ، فلا تَشُكُّوا في ذلك، ولكن استَيْقِنوه؛ ﴿تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾. وقولُه: ﴿تَخَاصُمُ﴾ رَدُّ على قوله: ﴿لَحَقٌّ﴾. ومعنى الكلامِ: إِنَّ تخاصُمَ أهلِ النارِ الذي أخبَرتُكم به لحقٌّ.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ (١) يُوجِّه معنى قولِه: ﴿أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾. إلى: بل زاغَت عنهم.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾، فقرَأ: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٩٧، ٩٨]. وقرَأ: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ حتى بلَغ ﴿إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ﴾ [يونس: ٢٨، ٢٩]. قال: إن كنتم تَعبُدوننا، كما تقولون، إن كنا عن عبادتِكم لغافلين، ما كنا نَسْمَعُ ولا نُبْصِرُ.

قال: وهذه الأصنامُ. قال: هذه خصومةُ أهلِ النارِ. وقرَأ: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٣٠]. قال: وضلَّ عنهم يومَ القيامةِ ما كانوا يَفتَرون في الدنيا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لمشرِكي قومِك: ﴿إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ﴾ لكم يا معشرَ قريشٍ بينَ يدَىْ عذابٍ شديدٍ، أُنْذِرُكم عذابَ اللهِ وسخطَه أن يَحِلَّ بكم، على كفرِكم به، فاحذَروه وبادِروا حلولَه بكم بالتوبةِ. ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾. يقولُ: وما من معبودٍ تصلُحُ له العبادةُ، وتَنْبَغِى


(١) هو أبو عبيدة، ينظر مجاز القرآن ٢/ ١٨٦.