للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُرُمًا﴾. يقولُ: ما كنتم مُحْرِمين، لم تُحِلُّوا من إحرامِكم.

ثم اخْتَلف أهلُ العلمِ في المعنى الذي عَنَى اللهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ﴾؛ فقال بعضُهم: عنى بذلك أنه حرَّم علينا كلَّ معاني صيدِ البرِّ؛ اصطيادٍ، وأكلٍ، وقتلٍ، وبيعٍ، وشراءٍ، وإمساكٍ، وتملُّكٍ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هشيمٌ، عن يزيدَ بنُ أبي زيادٍ، عن عبدِ اللهِ بن الحارثِ بن (١) نوفلٍ، عن أبيه، قال: حجَّ عثمانُ بنُ عفانَ، فحجَّ عليٌّ معه. قال: فأُتِى عثمانُ بلحمِ صيدٍ صاده حَلالٌ، فأكَل منه ولم يأكُلْ عليٌّ، فقال عثمانُ: واللهِ ما صِدْنا ولا أمَرنا ولا أشَرْنا. فقال عليٌّ: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا هارونُ بنُ المغيرةِ، عن عمرِو بن أبي قَيْسٍ، عن سِمَاكٍ، عن صُبيحِ بن عبدِ اللهِ العَبْسيِّ، قال: بعَث عثمانُ بنُ عفانَ أبا سفيانَ بنَ الحارثِ على العَروضِ (٣)، فنزل قُدَيْدَ (٤)، فمرَّ به رجلٌ من أهلِ الشامِ معه بازيٌّ وصقرٌ، فاستعاره منه، فاصطاد به من اليعاقيبِ (٥)، فجعَلهن في حظِيرةٍ، فلما مرَّ به عثمانُ طبَخهن، ثم قدمهنَّ إليه، فقال عثمانُ: كُلوا. فقال بعضُهم: حتى يجئَ عليُّ بنُ أبى


(١) في النسخ "عن". وينظر تهذيب الكمال ١٤/ ٣٩٦.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٨٣٢٧، ٨٣٤٧)، والطحاوى في شرح معاني الآثار ٢/ ١٧٥ من طريق يزيد بن أبي زياد بنحوه، وأخرجه الشافعي في الأم ٧/ ١٧٠ من طريق عبد الله بن الحارث به وأصل الحديث في المسند (٧٨٣، ٧٨٤، ٨١٤)، وسنن أبي داود (١٨٤٩) ومن طريق البيهقى ٥/ ١٩٤ ومسند أبي يعلى (٣٥٦، ٤٣٢)، البحر الزخار (٩١٤) من طريق عبد الله بن الحارث مطولا وفيه قصة وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٢ إلى ابن أبي شيبة أبي الشيخ.
(٣) العروض: مكة والمدينة وما حولهما. ينظر معجم البلدان ٣/ ٦٥٨، واللسان (ع ر ض).
(٤) قديد: اسم موضع قرب المدينة. البلدان ٤/ ٢٢.
(٥) اليعاقيب: جمع اليعقوب، وهو الذكر من طائر الحجل والقطا. اللسان (ع ق ب).