للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا المُعْتَمِرُ بن سليمانَ، عن أبيه، قال: زعم حَضْرَميٌّ، وقرَأ: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا﴾. قال: قالوا: حَقيقٌ أن يأمُرَ صاحبَ الوصيةِ بالوصيةِ لأهلِها، كما أن لو كانت ذُرِّيَّةُ نفسِه بتلك المنزلةِ، لأحبَّ أن يُوصِىَ لهم، وإن كان هو الوارثَ، فلا يَمْنَعْه ذلك أن يَأْمُرَه بالذي يَحِقُّ عليه، فإنَّ وَلَدَه لو كانوا بتلك المنزلةِ أحبَّ أن يُحَثَّ عليه، فَلْيَتَّقِ هو، [فَلْيَأْمُرْه] (١) بالوصيَّةِ وإن كان هو الوارثَ. أو نحوًا من ذلك (٢).

وقال آخرون: بل معنى ذلك أمرٌ مِن اللَّهِ ولاةَ اليتامى أن يَلُوهم بالإحسانِ إليهم في أنفسِهم وأموالِهم، ولا يأكُلوا أموالَهم إسرافًا وبِدارًا أن يَكْبَروا، وأن يكونوا لهم كما يُحِبُّون أن يكونَ وَلاهُ وَلَدِه الصغارِ بعدَهم لهم بالإحسانِ إليهم، لو كانوا هم الذين ماتوا وترَكوا أولادَهم يتامى صغارًا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾: يعنى بذلك الرجلَ يموتُ وله أولاد صغار ضعاف، يخافُ عليهم العَيْلةَ والضَّيعةَ، ويخافُ بعده ألا يُحْسِنَ إليهم مَن يَليهم، يقولُ: فإِن وَلِى مثل ذُرِّيَّتِه ضعافًا يتامى، فَلْيُحْسِن إليهم، ولا يأكلْ أموالهم إسرافًا وبدارًا خشيةَ أن يَكْبَروا، فَلْيَتَّقوا اللَّهَ وَلْيَقُولوا قولًا سديدًا (٣).


(١) في ص: "قلت أمره".
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ٥/ ٥٢ بنحوه.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٤ إلى المصنف، وذكره ابن الجوزى في نواسخ القرآن ص ٢٥٩.