للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولَه: معناهُ: وكان الإنسانُ عَجِلًا (١) بالدعاء على ما يَكْرهُ أن يُستجابَ له فيهِ.

وقال آخرون: عنَى بذلك آدمَ؛ أنَّه عجِل حينَ نُفِخ فيه الروحُ قبلَ أن تجرىَ في جميعِ جسدِه، فرَام النهوضَ، فوصَف ولدَه بالاستعجالِ؛ لِما كان من استعجالِ أبيهم آدمَ القيامَ، قبلَ أن يَتمَّ خلقُه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن الحكمِ، عن إبراهيمَ، أنَّ سلمانَ الفارسيَّ، قال: أَوَّلُ ما خَلَقَ اللَّهُ من آدمَ رأسُه، فجعَل ينظُرُ وهو يُخلَقُ. قال: وبقِيتْ رجلاه، فلمَّا كان بعدَ العصرِ قال: ياربِّ عَجِّلْ قبلَ الليلِ. فذلك قولُه: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ (٢).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابن عباسٍ، قال: لما نفَخ اللَّهُ في آدمَ من روحِه أتتْ النفخةُ من قِبلِ رأسِه، فجعَل لا يجرِى شيءٌ منها في جسدَه، إلا صارَ لحمًا ودمًا، فلما انتهَتْ النفخةُ إِلى سُرَّتِه، نظَر إلى جسدِه، فأعجَبه ما رأى من جسدِه فذهَب لينهَضَ فلم يقدِرُ، فهو قولُ اللَّهِ : ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾. قال: ضَجِرًا لا صبر له على سرَّاءَ، ولا ضرَّاءَ (٣).

القول في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ


(١) في م: "عجولا".
(٢) أخرجه ابن عساكر ٧/ ٣٨٤ من طريق محمد بن المثنى به، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ١١٠، ١١١ عن محمد بن جعفر (غندر) به، وعزاه السيوطي في الدر ٤/ ١٦٦ إلى المصنف وابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٩٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٦ إلى المصنف مختصرًا.