للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا فهدُ بنُ عوفٍ أبو ربيعةَ، قال: ثنا أبو عوانةَ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ بن عمرٍو، عن زاذانَ، عن البراءِ، قال: قال رسولُ اللهُ ، وذكَر الكافرَ حين تُقبضُ روحُه، قال: "فتُعادُ روحُه في جسدِه". قال: "فيأتيه ملكان شَدِيدَا الانتهارِ، فيُجْلِسانِه فينتهرانِه، فيقُولان له من ربُّك؟ فيقولُ: لا أدرى". قال: "فيَقولان له: ما دينُكَ؟ فيقولُ: لا أدرى". قال: "فيقالُ له: ما هذا النبيُّ الذي بُعثِ فيكم؟ ". قال: "فيقولُ: سمعتُ الناسَ يقولُون ذلك، لا أدْرى". قال: "فيقولان: لا دَرَيْتَ! ". قالَ: "وذلك قولُ اللهِ: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ (١) ".

وقولُه: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾. يعنى تعالى ذكرُه بذلك: وبيدِ اللهِ الهدايةُ والإضلالُ، فلا تنكِروا أيها الناسُ قُدرتَه، ولا اهتداءَ مَن كان منكم ضالًّا، ولا ضلالَ من كان منكم مهتديًا، فإن بيدِه تصريفَ خلقِه، وتقليبَ قلوبِهم، يفعلُ فيهم ما يشاءُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ألم تنظُرْ يا محمدُ إلى الذين ﴿بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾. يقولُ: غيَّروا ما أنعَم اللهُ به عليهم مِن نعمةٍ (٢)، فجعَلوها كُفْرًا به، وكان تبديلُهم نعمةَ اللهِ كفرًا في نبيِّ اللهِ محمدٍ ؛ أنعم اللهُ به على قريشٍ فأخرَجه منهم،


(١) تقدم تخريجه في ص ٦٦٥.
(٢) في م: "نعمه".