وقلبِه، ولم يَخْصُصْ من المعانى التى ذكَرنا شيئًا دونَ شيءٍ، والكلامُ مُحْتَمِلٌ كُلَّ هذه المعانى، فالخبرُ على العمومِ حتى يخُصَّه ما يجبُ التسليمُ له.
وأما قولُه: ﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾. فإن معناه: واعلَموا أيُّها المؤمنون أيضًا مع العلم بأن اللهَ يحولُ بين المرءِ وقلبِه، أن اللهَ الذي يقدِرُ على قلوبِكم وهو أملَكُ بها منكم، إليه مصيرُكم ومرجِعُكم في القيامةِ، فيوفِّيكم جزاءَ أعمالِكم، المحسنَ منكم بإحسانِه، والمسيءَ بإساءتِه، فاتَّقوه وراقِبوه فيما أمَركم ونهاكم هو ورسولُه أن تُضيِّعوه، وألا تستجيبوا لرسولِه إذا دعاكم لما يُحييكم، فيُوجِبَ ذلك سَخَطَه، وتستحِقوا به أليمَ عذابِه حينَ تُحْشرون إليه.
يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين به وبرسولِه: اتَّقوا أَيُّها المؤمنون ﴿فِتْنَةً﴾. يقولُ: اختبارًا من اللهِ يختبِرُكم، وبلاءً يَبتليكم، ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ هذه الفتنةُ التي حذَّرْتُكموها ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، وهم الذين فعَلوا ما ليس لهم فعلُه، إما أجرامٌ أصابوها، وذنوبٌ بينهم وبين اللهِ رَكبوها. يحذّرُهم جلَّ ثناؤُه أن يَرْكَبوا له معصيةً، أو يأتُوا مأثمًا يستحِقُّون بذلك منه عقوبةٌ.
وقيل: إن هذه الآيةَ نزَلت في قومٍ من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، وهم الذين عُنوا بها.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا الحسنُ بنُ أبى جعفرٍ، قال: ثنا داودُ بنُ أبي هندٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ