للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾: هو الدينُ الذي بعث اللَّهِ به رسولَه، وشرَع لنفسه، ورضِي به (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيد في قولِه: ﴿كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾، ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾. قال: هو واحدٌ، قيِّمةٌ: مستقيمةٌ معتدلةٌ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إنَّ الذين كفروا باللَّهِ ورسوله محمدٍ فجحَدوا نبوَّته، مِن اليهودِ والنصارى والمشركين، جميعهم ﴿فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: ماكثين، لابثين فيها أبدًا لا يخرجون منها ولا يموتون فيها، ﴿أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: هؤلاء الذين كفروا من أهلِ الكتابِ والمشركين، هم شرُّ مَن بَرَأه اللَّهُ وخَلَقه. والعربُ لا تَهْمِزُ البريةَ، وبتركِ الهمزِ فيها قرَأَتْها قرأةُ الأمصارِ، غيرَ شيءٍ يُذكَرُ عن نافعِ بن أبي نعيمٍ، فإنه حكَى بعضُهم عنه أنه كان يَهمِزُها (٣)، وذهَب بها إلى قولِ اللَّهِ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢]. وأنها فعيلة من ذلك. وأما الذين لم يَهْمِزُوها، فإنَّ لتركهم الهمزَ في ذلك وجهين؛ أحدُهما: أنْ يكونوا تركوا الهمزَ فيها كما تركَوه من المَلَكِ، وهو "مَفْعَلٌ" من:


(١) تقدم تخريجه في ص ٥٥١، ٥٥٢، وليس هذا اللفظ عند عبد الرزاق.
(٢) ينظر تفسير ابن كثير ٨/ ٤٧٦
(٣) قراءة نافع وابن ذكوان عن ابن عامر. النشر ١/ ٣١٦، ٢/ ٣٠١.