للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذنوبَكم، وذلك الإيمانُ به، وإخلاصُ العبادةِ له دونَ ما سِواه، واتِّباعُ رسولِه صالحٍ.

﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾. يقولُ: ثم اتْرُكُوا مِن الأعمالِ ما يكرَهُه ربُّكم، إلى ما يَرْضاه ويُحِبُّه؛ ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾. يقولُ: إن ربِّي قريبٌ ممن أخْلَصَ له العبادةَ، ورَغِبَ إليه في التوبةِ، مجيبٌ له إذا دَعاه.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)﴾.

يقولُ ﷿: قالت ثمودُ لصالحٍ نبيِّهم: ﴿يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا﴾. أي: كُنَّا نَرْجو أن تكونَ فينا سيدًا قَبْلَ هذا القولِ الذي قلتَه لنا؛ مِن أنه مالَنا (١) إلهٌ غيرُ اللَّهِ. ﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾؟ يقولُ: أتَنْهانا أن نعبدَ الآلهةَ التي كانت آباؤُنا تَعْبُدُها (٢)؟ ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٣)﴾: يَعْنون أنهم لا يَعْلَمون صحةَ ما يَدْعوهم إليه مِن توحيدِ اللَّهِ، وأن الألوهةَ لا تكونُ إلا له خالصًا.

وقولُه: ﴿مُرِيبٍ﴾. أي: يُوجِبُ التُّهْمةَ، مِن: أَرَبتُه، فأنا أُرِيبُه إرابةً. إذا فعلتَ به فعلًا يوجِبُ له الرِّيبةَ، ومنه قولُ الهُذَليِّ (٤):

* كُنْتُ إِذا أَتَوْتُه مِن غَيْبِ *

* يَشَمُّ عِطْفِي وَيَبُرُّ (٥) ثَوْبي *


(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "من".
(٢) في م: "تعبد".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) هو خالد بن زهير الهذلي. ديوان الهذليين ١/ ١٦٥، وشرح أشعار الهذليين ١/ ٢٠٧، وهو في اللسان (أ ت ى).
(٥) في مصدر التخريج: "يمس". ويبز ثوبه: يجذبه إليه. اللسان (ب ز ز).