للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يقولُ: وقال سليمانُ لقومِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾] (١). يعنى: فُهِّمْنا كلامَها، وجعَل ذلك من الطيرِ كمنطقِ الرجلِ مِن بني آدمَ، إذ فَهِمه عنها.

وقد حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن أبي مَعْشَرٍ، عن محمدِ بن كعبٍ: ﴿وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾. قال: بلَغنا أن سليمانَ كان عسكرُه مائةَ فرسخٍ؛ خمسةٌ وعشرون منها للإنسِ، وخمسةٌ وعشرون للجِنِّ، وخمسةٌ وعشرون للوَحْشِ، وخمسةٌ وعشرون للطيرِ، وكان له ألفُ بيتٍ مِن قَواريرَ على الخُشُبِ، فيها ثلاثُمائةِ صَريحةٍ، وسبعمائةِ سُرِّيَّةٍ، فأمَر الريحَ العاصفَ فرفَعتْه، وأمَر الرُّخاءَ فَسَيَّرتْه، فأوحَى اللهُ إليه وهو يسيرُ بيَن السماءِ والأرضِ: إنى قد زِدتُ (٢)؛ أنه لا يتكلَّمُ أحدٌ من الخلائقِ بشيءٍ إلا جاءتِ الريحُ [فأخبَرتْك به] (٣).

وقولُه: ﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾. يقولُ: وأُعْطِينا ووُهَبَ لنا من كُلِّ شيءٍ من الخيراتِ ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾. يقولُ: إن هذا الذي أُوتِينا مِن الخيراتِ، لهو الفضلُ على جميعٍ أهلِ دَهْرِنا، ﴿الْمُبِينُ﴾. يقولُ: الذي يَبِينُ لمَن تأمَّله وتَدبَّرَه أنه فضلٌ أُعْطِيناه على مَن سِوانا من الناسِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وجُمِع لسليمانَ جنودُه من الجنِّ والإنسِ والطيرِ في مَسِيرٍ


(١) سقط من: ت ١، ف.
(٢) في م: "أردت". وبعده في مصدري التخريج: "في ملكك".
(٣) في ص، م، ت ٢، ف: "فأخبرته".
والأثر أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٨٧، وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٨٩ من طريق حجاج به.