للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ﴾. قال: السرَّ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما مِن مكتومِ سرٍّ، وخفيِّ أمرٍ، يَغِيبُ عن أبصارِ الناظرين في السماءِ والأرضِ، ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾. وهو أمُّ الكتابِ الذي أثْبَت ربُّنا فيه كلَّ ما هو كائنٌ مِن لَدُنِ ابْتَدَأ خلْقَ خلقِه إلى يومِ القيامةِ.

ويعنى بقولِه: ﴿مُبِينٍ﴾. أنه يَبِينُ لمن نظَر إليه وقرَأه ما فيه مما أثْبَت فيه ربُّنا جلَّ ثناؤُه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ: ما مِن شيءٍ في السماءِ والأرضِ؛ سرٌّ ولا علانيةٌ، إلا يَعْلَمُه (٢).

وقولُه: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن هذا القرآنَ الذي أنْزَلْتُه إليك يا محمدُ، يَقُصُّ على بني إسرائيلَ الحقَّ في أكثرِ الأشياءِ التي اخْتَلَفوا فيها، وذلك كالذى اخْتَلَفوا فيه مِن أمرِ عيسى؛ فقالتِ اليهودُ فيه ما قالت، وقالتِ النصارى فيه ما قالت، وتبَرَّ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٤ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩١٩ عن محمد بن سعد به.