للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وربما أَنشَدنا: "فَأَو مِن الذِّكْرَى" بغير هاءٍ.

ولو جاء "فعَل" منه على الأصلِ لكان: آه يَئُوهُ أَوْهًا.

ولأن معنى ذلك تَوجَّعَ وتَخَزَّنَ وتَضرَّعَ، اختَلَف أهلُ التأويلِ فيه الاختلافَ الذي ذكرتُ؛ فقال مَن (١) قال معناه الرحمةُ: إِنَّ ذلك كان مِن إبراهيم على وجهِ الرِّقَّةِ على أبيه، والرحمةِ له ولغيرِه مِن الناسِ.

وقال آخرون: إنما كان ذلك منه لصحةِ يَقينِه، وحسن معرفته بعظمة اللَّهِ، وتواضعِه له.

وقال آخرون: كان لصحةِ إيمانِه بربِّه.

وقال آخرون: كان ذلك منه عندَ تلاوتِه تنزيلَ اللَّهِ الذي أنزَله عليه.

وقال آخرون: كان ذلك منه عندَ ذكرِ (٢) ربِّه.

وكلُّ ذلك عائدٌ إلى ما قلتُ، وتَقارَبَ معنى بعض ذلك من بعضٍ؛ لأن الحزينَ المُتَضَرِّعَ إلى ربِّه، الخاشعَ له بقلبِه، يَنوبُه ذلك عند مسألِته ربَّه ودعائِه إيَّاه في حاجتِه، وتَعْتَورُه هذه الخِلالُ التي وَجَّهَ المفسِّرون إليها تأويلَ قولِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾.

القول في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما كان اللَّهُ ليَقْضِيَ عليكم في استغفارِكم لمَوْتاكم


(١) في م: "ما".
(٢) في ت ١، ف: "ذكره".