للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرِ هذا الوضعِ فيما مضَى (١).

وأما قولُه: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يقولُ: ولا يكلِّمُهم بما يُحبُّون ويَشْتَهون، فأمَّا بما يسوءُهم ويَكرَهون، فإنه سيكلِّمُهم، لأنّه قد أخبَر جلّ ثناؤه أنه يقولُ لهم - إذا قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ (٢) -: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٧، ١٠٨] الآيتين.

وأما قولُه: ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ فإنه يعني: ولا يطهِّرُهم من دَنسِ ذُنوبِهم وكفرِهم، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يعنِي: موجِعٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ﴾.

يعني بقولِه جلّ ثناؤه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾: أولئك الدين أخَذُوا الضّلالَة وترَكُوا الهدَى، وأخَذوا ما يوجِبُ لهم عذابَ اللهِ يومَ القيامةِ، وترَكوا ما يوجِبُ لهم غُفرانَه ورِضوانَه. فاستغنَى بذكرِ العذابِ والمغفرةِ من ذكرِ السببِ الذي يُوجِبُهما؛ لفَهْمِ سامعِي ذلكَ لمعناه والمرادِ منه. وقد بينّا نظائرَ ذلك فيما مضَى، وكذلك بينَّا وجْهَ اشتراءِ الضَّلالَةِ بالهُدَى، باختلافِ المختلِفينَ، [والأدلةَ الشاهدةَ لما] (٣) اختَرنا من القولِ فيما مضَى قبلُ، فكرِهنا إعادتَه (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ وعزّ: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)﴾.


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ١٦٨، ١٦٩، ٦٤١ - ٦٤٣.
(٢) بعده في م: "قال".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "والدلالة الشاهدة بما".
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٢٤ وما بعدها.