للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أحمدُ بنُ عثمانَ البصريُّ، قال: ثنا وهبُ بنُ جريرٍ، قال: ثنا أبي، قال: سَمِعتُ النعمان بن راشدٍ يقولُ عن الزهريِّ، عن عروةَ، عائشةَ أنها عن قالت: كان أولُ ما ابتُدئ به رسولُ اللَّهِ من الوحى الرؤيا الصادقةَ كانت تَجيءُ مثل فَلَقِ الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاءُ، فكان بغارِ حِراءٍ يَتَحنَّثُ فيه اللياليَ ذواتِ العددِ قبل أن يَرْجِعَ إلى أهلِه، ثم يرجعُ إلى أهله فيَتَزَوَّدُ لمثلِها، حتى فجَأَه الحقُّ، فأتاه فقال: يا محمدُ، أنت رسولُ اللَّهِ. قال رسولُ اللَّهِ : "فجتَوتُ لركبَتيَّ وأنا قائمٌ، ثم رجَعتُ تَرْجُفُ بَوادِرى (١)، ثم دخلتُ على خديجةَ، فقلتُ: زمِّلوني زمِّلوني. حتى ذهَب عنى الرَّوْعُ، ثم أتاني، فقال: يا محمدُ (٢)، أنت رسولُ اللَّهِ". قال: "فلقد همَمتُ أن أطرَحَ نفسى من حالقٍ من جبل، [فَتَبَدَّى لى] (٣) حينَ همَمتُ بذلك، فقال: يا محمدُ، أنا جبريلُ وأنت رسولُ اللَّهِ. ثم قال: ﴿اقْرَأْ﴾. قلت: "ما أقرأُ؟ ". قال: (فأخذني فغَطَّنى ثلاثَ مراتٍ، حتى بلَغ منى الجَهْدُ، ثم قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾. فقرَأتُ، فأتَيتُ خديجة، فقلتُ: لقد أشفَقتُ على نفسى. فأخبَرتُها خبرى، فقالت: أَبْشِرْ، فواللَّهِ لا يُخزيك اللَّهِ أبدًا، وواللَّهِ إنك لتصلُ الرحمَ، وتَصْدُقُ الحديثَ، وتؤدِّى الأمانةَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِى الضيفَ، وتُعِينُ على نوائب الحقِّ. ثم انطَلَقَتْ بي إلى ورقةَ بن نوفلِ بن أسدٍ، قالت: اسمَعْ من ابن أخيك. فسألني، فأخبَرته خبرى، فقال: هذا الناموسُ الذي أُنزِل على موسى، ليتني فيها جَذَعٌ (٤)، ليتنى أكونُ حَيًّا حينَ يُخْرِجُك قومك. قلتُ: أَوَ مُخْرِجيَّ هم؟


(١) البوادر جمع بادرة، وهى اللحمة التي بين المنكب والعنق. التاج (ب د ر).
(٢) بعده في م: "أنا جبريل و".
(٣) في م: "فتمثل إليّ"، وفى ت ٢: "فعدا لى"، وفى ت ٣: "فعاد إلى".
(٤) الضمير في "فيها " للنبوة، لى: يا ليتنى كنت شابًّا عند ظهورها حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها. النهاية ١/ ٢٥٠.