للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عن أن كلَّ خيرٍ ناله عبادُه فى دينِهم ودنياهم، فإنه مِن عندِه ابتداءً، وتفضُّلًا منه عليهم من غيرِ استحقاقٍ منهم ذلك عليه.

وفي قولِه: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. تعريضٌ مِن اللهِ] (١) تعالى ذِكرُه بأهلِ الكتابِ أن الذى آتى نبيَّه محمدًا والمؤمنين به من الهدايةِ تَفَضُّلٌ (٢) منه، وأن نعمَه لا تُدْرَكُ بالأمانيِّ، ولكنها مواهبُ منه يَختصُّ بها مَن يشاءُ من خلقِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾. [ما ننقُلْ مِن حكمِ آيةٍ] (٣) إلى غيرِه، فنغيِّرْه ونبدِّلْه. وذلك أن يحوِّلَ الحلالَ حرامًا، والحرامَ حلالًا، والمباحَ محظورًا، والمحظورَ مباحًا. ولا يكونُ ذلك إلَّا في الأمرِ والنهىِ، والحظرِ والإطلاقِ، والمنعِ والإباحةِ. فأما الأخبارُ فلا يكونُ منها (٤) ناسخٌ ولا منسوخٌ.

وأصلُ النسخِ من نَسْخِ أصلِ (٥) الكتابِ، وهو نقلُه مِن نسخةٍ إلى أُخرَى غيرِها. فكذلك معنى نَسْخِ الحكمِ إلى غيرِه، [إنما هو تحويلُه ونقلُ عبادِه (٦) عنه إلى غيرِه] (٧). فإذ كان ذلك معنى نسخِ الآيةِ، فسواءٌ -إذا نُسِخَ حكمُها فغُيِّر وبُدِّل فرضُها، ونُقِل (٨) العبادُ عن اللازمِ كان لهم بها- [أُقِرَّ خطُّها] (٩) فتُرِك، أو مُحِىَ أثرُها


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في م: "تفضلا".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيها".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) في م: "عبارته". وفى تفسير ابن كثير ١/ ٢١٥ عن المصنّف: عبادة إلى غيرها.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) بعده في م: "فرض".
(٩) في م: "أوفر حظها".