للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وأنَّ الذين لا يُصدِّقون بالمعادِ إلى اللَّهِ، ولا يُقرُّون بالثوابِ والعقابِ في الدنيا - فهم لذلك لا يتحاشُون من ركوبِ معاصى اللَّهِ - ﴿أَعْتَدْنَا لَهُمْ﴾. يقولُ: أعدَدْنا لهم، لقدومِهم (١) على ربِّهم يومَ القيامةِ: ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾. يعنى: موجِعًا. وذلك عذابُ جهنمَ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه مذكِّرًا عبادَه أياديَهُ عندَهم: ويدعو الإنسانُ على نفسِه أو (٢) ولدِه ومالِه بالشرِّ، فيقولُ: اللهمَّ أهلِكْه والْعنْهُ. عندَ ضجَرِه و (٣) غضبِه، كدعائِه بالخيرِ. يقولُ: كدعائِه ربَّه بأن يهَبَ له العافيةَ، ويرزُقَه السلامةَ في نفسِه ومالِه وولِده. يقولُ: فلو استُجيبَ له في دعائِه على نفسِه ومالِه وولدِه بالشرِّ كما يُستجابُ له في الخيرِ هلَك، ولكنَّ اللَّهَ بفضِله لا يستجيبُ له في ذلك.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمِّى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾. يعنى قولَ الإنسانِ: اللهمَّ الْعنْهُ واغضَبْ عليه. فلو يُعَجَّلُ له ذلك كما يُعجَّلُ له الخيرُ،


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "لتقدمهم"، وفى ف: "تتقدمهم".
(٢) في م: "و".
(٣) في ت ١، ت ٢: "أو".