للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن السُّبلِ، وذلك دينُ اللَّهِ الذي بعَث بهِ أنبياءَه وهو الإسلامُ، يقولُ جلَّ ثناؤُه: فهذا القرآنُ يهدِى عبادَ اللَّهِ المهتدِين بهِ إلى قصدِ السبيلِ التي ضلَّ عنها سائرُ أهلِ الملِلِ المكذِّبيَن به.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾. قال: للتى هي أصوبُ: هو الصوابُ وهو الحقُّ. قال: والمخالفُ هو الباطلُ. وقرَأ قولَ اللَّهِ تعالى: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [البينة: ٣]. قال: فيها الحقُّ ليس فيها عِوَجٌ. وقرَأ: ﴿وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا﴾ [الكهف: ١، ٢]. قالَ: قيِّمًا: مستقيمًا (١).

وقولُه: ﴿وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: ويُبشِّرُ أيضًا مع هدايتِه مَن اهتدَى بهِ للسبيلِ الأقصدِ، الذين يؤمنون باللَّهِ ورسولِه، ويعمَلون في دنياهم بما أمَرهم اللَّهُ بهِ، وينتهون عمَّا نهاهُم عنه، بأنَّ ﴿لَهُمْ أَجْرًا﴾ مِنِ اللَّهِ على إيمانِهم وعملِهِمِ (٢) الصالحاتِ، ﴿كَبِيرًا﴾. يعنى: ثوابًا عظيمًا، وجزاءً جزيلًا، وذلك هو الجنةُ التي أعدَّها اللَّهُ لمن رضِى عملَه.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ: ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾. قال: الجنةُ، وكلُّ شيءٍ في القرآنِ: "أجرٌ كبيرٌ"، "أجرٌ كريمٌ"، و"رزقٌ كريمٌ" فهو الجنةُ (٣).

و "أنَّ" في قولِه: ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ نصبٌ بوقوعِ البشارةِ عليها، و "أنَّ" الثانيةَ معطوفةٌ عليها.


(١) عزاه السيوطي في الدر ٤/ ١٦٦ إلى المصنف.
(٢) في ت ١: "أعمالهم".
(٣) عزاه السيوطي في الدر ٤/ ١٦٦ إلى المصنف وابن المنذر.