للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستفتحَ فقيل: مَن هذا؟ قال: جبريلُ. قالوا: ومَن معكَ (١)؟ قال: محمدٌ. قالوا: وَقَد أُرسل إليه؟ قال: نعم. قالوا: حيَّاه اللهُ مِن أخٍ ومِنْ خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاء. قال: فدخَل فإذا هو برجلٍ، قال: هذا إدريسُ، رفَعَه اللهُ مكانًا عليًّا (٢).

وحدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾. قال: حدَّثنا أنسُ بنُ مالكٍ أنَّ نبيَّ اللهِ حدثَّ، أنَّه لما عُرج به إلى السماءِ قال: أتيتُ على إدريس في السماءِ الرابعةِ (٣).

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه : هؤلاء الذين اقتصصتُ عليك أنباءَهم في هذه السورةِ يا محمدُ، ﴿الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ بتوفيقِه، فهداهم لطريقِ الرشدِ من الأنبياء ﴿مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ﴾، ومن ذرِّيةِ من حمَلنا مع نوحٍ في الفُلكِ، ومن ذرِّيةِ له إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ، ومن ذرِّيةِ إسرائيلَ، ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَا﴾ للإيمانِ باللهِ والعملِ بطاعتهِ ﴿وَاجْتَبَيْنَا﴾. يقولُ: وممن اصطفَينا واخترنا لرسالتِنا ووحيِنا، فالذي عنَى به من ذريَّةِ آدمَ إدريسُ، والذي عنَى به من ذريَّة من حملَنا مع نوحٍ إبراهيمَ، والذي عنَى به من ذريَّةِ إبراهيمَ إسحاقُ ويعقوبُ وإسماعيلُ، والذي عنَى بهِ من ذريَّةِ


(١) في الأصل، ص، م، ت ١، ف: "معه".
(٢) جزء من أثر طويل تقدم تخريجه في ١٤/ ٤٣٥.
(٣) أخرجه أبو يعلى (٢٩١٤) من طريق يزيد، به، وأخرجه أحمد ٢١/ ٢٧٩، ٢٨٠ (١٣٧٣٩)، والترمذي (٣١٥٧) من طريق آخر عن قتادةَ وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٧٤ إلى ابن المنذر وابن مردويه.