للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيلَ موسى وهارونُ وزكريَّا وعيسى وأمُّه مريمُ، ولذلك فرَّق تعالى ذكرُه أنسابَهم وإن كان يجمَعُ جميعَهم آدمُ ؛ لأنَّ فيهم مَن ليس من ولدِ من كان مع نوحٍ في السفينةِ، وهو إدريسُ، وإدريسُ جدُّ نوحٍ.

وقولُه تعالى ذكرُه: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ﴾. يقولُ: إذا تُتلى على هؤلاء الذين أنعمَ اللهُ عليهم من النبيين أدلةُ اللهِ تعالى ذكرُه، وحججُه التي أنزَلها اللهُ (١) عليهم في كتبِه، خرُّوا اللهُ سجدًا، استكانةً له وتذلُّلًا وخضوعًا لأمرِه وانقيادًا له (١): ﴿وَبُكِيًّا﴾. يقولُ: خرُّوا سجدًا وهم باكون، والبُكِيُّ: جمعُ باكٍ، كما العُتِيُّ جمعُ عاتٍ، والجِثِيُّ: جمعُ جاثٍ، فجُمِع وهو فاعلٌ على فُعولٍ، كما يُجمعُ القاعدُ "قُعُودٌ"، والجالسُ جُلُوسٌ، وكان القياسُ أن يكونَ: بُكويًا (٢) وعُتوًّا، ولكن كُرهتِ الواوُ بعدَ الضمةِ فقُلبت الواوُ (٣) ياءً، كما قيل في جمعِ دلوٍ: أدلٍ. وفى جمعِ البهوِ: أبه. وأصلُ ذلك أفْعُلٌ؛ أَدْلُو وأَبْهُو، فقلبت الواوُ ياءً لمجيئِها بعد الضمة استثقَالًا، وفى ذلك لغتانِ مستفيضتانِ، قد قرَأ بكلِّ واحدةِ علماءُ من القرأةِ بالقرآنِ (بُكيًّا) و (عُتوًّا) بالضمِّ، (وبِكيًّا) و (عتِيًّا) بالكسرِ (٤).

وقد يجوزُ أن يكونَ البُكِيُّ هو البكاءُ بعينه.

وقد حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٢) في الأصل: "وبكويا"، وفى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "وبكوا".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبى بكر، بضم أوائل هذه الحروف، وقرأ حمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف كلها وقرأ حفص عن عاصم بكسر أوائل هذه الحروف كلها إلا ﴿وَبُكِيًّا﴾، فإنه يضم أوله. السبعة لابن مجاهد ص ٤٠٧.