للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذى رزَقْناكموه.

وقد قيل: عنَى بقولِه: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾: مِن حلالِه الذى أبَحْناه لكم فجعَلْناه لكم رزقًا.

والأولُ مِن القولَيْن أولَى بالتأويلِ؛ لأنه وصْفُ ما كان القومُ فيه مِن هَنِئَ العيشِ الذى أعْطاهم، فوصْفُ ذلك بالطَّيِّب الذى هو بمعنى اللَّذَّةِ أحْرَى مِن وصفِه بأنه حلالٌ مُباحٌ.

و ﴿مَا﴾ التى (١) مع: ﴿رَزَقْنَاكُمْ﴾ بمعنى الذى، كأنه قال (٢): كلوا مِن طيباتِ الرزقِ الذى رزَقْناكموه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)﴾.

وهذا أيضًا مِن الذى اسْتُغْنى بدَلالةِ ظاهرِه على ما تُرِك منه، وذلك أن معنى الكلامِ: كلوا مِن طيباتِ ما رزَقْناكم، فخالَفوا ما أمَرْناهم به، وعصَوا ربَّهم، ثم رسولَنا إليهم، وما ظلَمونا. فاكْتُفِى بما أُظهِر عما تُرِك.

وقولُه: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾. يقولُ: وما ظلَمونا بفعلِهم ذلك ومعصيتِهم، ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.

ويعنى بقولِه: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾. وما وضَعوا فعلَهم ذلك وعِصْيانَهم إيانا موضعَ مَضَرَّةٍ علينا، ومَنْقَصةٍ لنا، [ولكنهم وضَعوه مِن أنفسِهم موضعَ مَضَرَّةٍ عليها ومَنْقَصةٍ لها] (٣).


(١) في الأصل: "الذى".
(٢) في ص، م: "قيل".
(٣) سقط من: الأصل.