للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل يَقْهَرُ (١) كلَّ شيءٍ ويَغْلِبُه؛ لأنه خَلْقُهُ: ﴿حَكِيمٌ﴾. يقولُ: حكيمٌ في تدبيرِه ونصرِه من نصَر، وخذْلانِه من خَذَل مِن خلقِه، لا يدخُلُ تدبيرَه وهنٌ ولا خلَلٌ.

ورُوى عن عبدِ اللهِ بنِ كثيرٍ، عن مجاهدٍ في ذلك ما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: أخبَرنى ابنُ كثيرٍ، أنه سمِع مجاهدًا يقولُ: ما مُدَّ النبيُّ مما ذكَر الله غيرَ ألفٍ من الملائكةِ مُرْدِفينَ، وذكرَ "الثلاثةَ" و "الخمسةَ" بشرَى، ما مُدُّوا بأكثرَ من هذه الألفِ الذي ذكَر اللهُ ﷿ فى الأنفالِ. وأما "الثلاثةُ" و "الخمسة"، فكانت بُشرَى (٢).

وقد أتينا على ذلك في سورةِ "آل عمرانَ" بما فيه الكفايةُ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.

يقول تعالى ذكرُه: ولتطمئنَّ به قلوبُكم إذْ يُغَشِّيكم (٤) النعاسَ، ويعنى بقولِه: ﴿يُغَشِّيكُمُ (٤) النُّعَاسَ﴾: يُلقِى عليكم النعاسَ، ﴿أَمَنَةً﴾. يقولُ: أمانًا من اللهِ لكم من عدوِّكم أن يغلِبَكم، وكذلك النعاسُ في الحربِ أمنةٌ من اللهِ ﷿.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيمٍ، قال: ثنا سفيانُ، عن عاصمٍ، عن أبي رَزِينٍ،


(١) في ت ١، س، ف: "يدبر".
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ١٧٠ إلى سنيد وأبى الشيخ.
(٣) ينظر ما تقدم في ٦/ ٢٠، وما بعدها.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يغشاكم"، وسيأتي أنها قراءة.