للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾. يقول تعالى ذكره: أولم يُبَيِّن لهم كثرةُ إهلاكنا القرون الماضية من قبلهم يمشون في بلادهم وأرضهم، كعادٍ وثمودَ.

كما حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ﴾. عادًا وثمود، وأنهم إليهم لا يرجعون (١).

وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾. يقول تعالى ذكره: إن في خَلاء مساكن القرونِ الذين أهلكناهم من قبل هؤلاء المكذبين بآياتِ اللَّهِ مِن قُريش، من أهلها الذين كانوا سكانها وعُمَّارَها، بإهلاكنا إياهم لما كذَّبوا رسلنا، وجحدوا بآياتنا (٢)، وعبدوا (٣) من دونِ اللهِ آلهة غيره، التي يمرون بها فيعاينونها (٤) - لآيات لهم (٥)، وعظات يتَّعظون بها، لو كانوا أولى حِجا وعقولٍ. يقولُ اللَّهُ: ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ عظاتِ اللهِ، وتذكيره (٦) إياهم آياته، وتعريفهم مواضِعَ (٧) حُجَجه؟!

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)﴾.

يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء المكذِّبون بالبعث بعد الموت، والنشر بعد الفناء، أنا بقدرتنا نسوقُ الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة، التي لا نبات فيها. وأصله


(١) ذكره الطوسي في التبيان ٨/ ٤١٨.
(٢) في ت ١: "آياتنا".
(٣) في ت ١: "عدوا".
(٤) في ت ١: "فيعاينوها".
(٥) سقط من: ت ٢.
(٦) في ت ١، ت ٢: "تذكره".
(٧) في ت ١: "مواعظ صنع الله".