للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العادلين بالله الأوثان والأصنام: من خلق السموات والأرضَ؟ ليقولُنَّ: الذي خلقهنَّ اللَّهُ. فإذا قالوا ذلك، فَقُلْ: أفرأيتُم أيُّها القومُ، هذا الذي تعبدون مِن دونِ اللَّهِ من الأصنام والآلهة، ﴿إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ﴾. يقولُ: بشدةٍ في معيشتي، هل هنَّ كاشفاتٌ عنِّي ما يُصِيبُني به ربِّي مِن الضُّرِّ؟ ﴿أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ﴾. يقول: إن أرادَني ربِّي أن يُصِيبَني سَعَةٌ في معيشتي، وكثرة مالي، ورخاءٌ وعافيةٌ في بَدَني، هل هنَّ ممسكاتٌ عنِّي ما أراد أن يُصِيبَني به من تلك الرحمة؟ وترك الجواب لاستغناء السامع بمعرفة ذلك، ودلالة ما ظهر من الكلام عليه. والمعنى: فإنهم سيقولون: لا. فقل: حسبي الله مما سواه من الأشياء كلِّها، إيَّاه أعبد، وإليه أفزَع في أموري، دونَ كلِّ شيءٍ سواه،، فإنه الكافي، وبيده الضُّرُّ والنفعُ، لا إلى الأصنام والأوثان التي لا تضُرُّ ولا تنفَعُ، ﴿عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكَّلُونَ﴾. يقولُ: على الله يتوكل من هو متوكلٌ، وبه فليثق لا بغيره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ حتى بلغ: ﴿كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾. يعنى الأصنامَ، ﴿أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾ (١).

واختلفت القرأةُ في قراءةِ: ﴿كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾: ﴿مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾؛ [فقرأه بعضُهم] (٢) بالإضافة، وخفض الضُّرِّ والرحمة (٣). وقرأه بعض قرأة المدينة


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٨ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. التيسير ص ١٥٤.